هل يسرق الذكاء الاصطناعي مستقبل المبرمجين؟
هل الذكاء الاصطناعي على وشك إزاحة المبرمجين من المشهد؟

ستجد فى هذا المقال
هل يسرق الذكاء الاصطناعي مستقبل المبرمجين؟

هل يسرق الذكاء الاصطناعي مستقبل المبرمجين؟
الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم البرمجة: هل حان وقت التحول الجذري؟
يرى عدد من الخبراء أن الذكاء الاصطناعي بات على مشارف إحداث تغيير جذري في مجال البرمجة، حيث أصبح قريبًا من القدرة على تنفيذ المهام الأساسية التي ينجزها مهندسو البرمجيات بشكل يومي.
وفي مؤتمر حديث نظمته شركة Goldman Sachs، كشفت سارة فراير، المديرة المالية لشركة OpenAI، عن توجه جديد في استخدام الذكاء الاصطناعي تحت اسم A-SWE، وهو اختصار لـ “وكيل مهندس البرمجيات”. وأشارت فراير إلى أن هذا الوكيل لا يهدف فقط إلى تعزيز أداء المهندسين، بل يتعدى ذلك ليكون بمثابة مهندس برمجيات متكامل قادر على بناء التطبيقات من الصفر.
وأضافت فراير:
“ما يميز A-SWE أنه لا يقتصر على تطوير البرمجيات، بل يقوم أيضًا بالمهام التي عادةً ما يتجنبها المطورون، مثل إجراء اختبارات الجودة، وتتبع الأخطاء وإصلاحها، بالإضافة إلى توثيق الأكواد بشكل دقيق. وهذا ما يجعله أداة فعالة قادرة على مضاعفة إنتاجية الفرق البرمجية بشكل ملحوظ”.
هذا التحول يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل البرمجة التقليدية، ودور المهندسين في ظل تزايد الاعتماد على وكلاء الذكاء الاصطناعي في العمليات التقنية المعقدة.
هل يجب أن يقلق المطورون؟
مع تسارع وتيرة تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي مثل A-SWE، يطرح السؤال نفسه بقوة: هل على المطورين ومهندسي البرمجيات القلق بشأن مستقبلهم المهني؟
الآراء في هذا السياق متباينة. يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل تهديدًا واضحًا، بينما يعتبره آخرون فرصة لإعادة تعريف دور المهندس البرمجي.
من جهته، صرّح آندي ثوراي، الخبير التقني والمستشار السابق لدى Constellation Research وIBM Watson، لموقع ZDNET قائلاً:
“يجب على العاملين في مجال البرمجة أن يشعروا بالقلق. فالمجال سيشهد منافسة حادة، وسيبقى فقط من يستطيع التكيف وتقديم قيمة حقيقية… أما الآخرون، فسيتم استبعادهم.”
وتتفق معه لوري شافر، الرئيسة التنفيذية لشركة Digital Wave، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يقتصر بعد الآن على دعم المطورين، بل يتجه نحو إعادة تشكيل جوهر عملية تطوير البرمجيات نفسها.
وتوضح:
“خلال السنوات الخمس القادمة، ستتحول الفرق البرمجية من كونها مسؤولة عن كتابة الشيفرة، إلى فرق استراتيجية صغيرة تقود أنظمة الذكاء الاصطناعي لإنتاج الشيفرات بذكاء وكفاءة.”
ومع ذلك، فإن هذا التغيير لا يعني نهاية لمهنة البرمجة، بل تحولًا عميقًا في طبيعة الأدوار والمسؤوليات. تضيف شافر:
“بفضل وكلاء الذكاء الاصطناعي، سنشهد انخفاضًا في معدلات الخطأ، وتحسنًا في الأداء، وتسارعًا في الإنتاج. وبدلًا من كتابة الشيفرات من الصفر، سيتركز دور المطورين على التحرير، المراجعة، وضبط جودة ناتج الذكاء الاصطناعي.”
النجاة للمتمكنين من استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي
يشير آندي ثوراي إلى أن التهديد بفقدان الوظائف لن يشمل جميع المبرمجين، بل سيطال أولئك الذين يفشلون في مواكبة التحول واكتساب مهارات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
ففي رأيه، التطور السريع في هذا المجال سيقلل الحاجة إلى أعداد كبيرة من المطورين، موضحًا الأمر بمثال بسيط:
“عندما يكون هناك شخص يمكنه إنشاء تطبيق كامل خلال يوم واحد باستخدام وكيل ذكاء اصطناعي، وآخر يحتاج إلى أربعة أسابيع لإنجازه يدويًا، فمن المنطقي أن تبقى الأولوية للأول.”
الرسالة هنا واضحة: التميّز المستقبلي لا يعتمد فقط على كتابة الكود، بل على من يعرف كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي لصنع قيمة أكبر في وقت أقل.
وجهات نظر أكثر توازنًا
على الجانب الآخر، يرى بعض الخبراء أن الحديث عن استبدال مطوري البرمجيات بشكل كامل لا يزال بعيدًا عن الواقع، وأن الذكاء الاصطناعي، على الأقل في الوقت الراهن، سيعزز المهارات البشرية بدلاً من إلغائها.
يقول نيل ساهوتا، الرئيس التنفيذي لشركة ACSILab:
“صحيح أن A-SWE يمثل قفزة كبيرة في قدرات الذكاء الاصطناعي، لكن الادعاء بأنه قادر على تعويض مهندسي البرمجيات بالكامل هو أمر مبالغ فيه.”
ويضيف:
“الذكاء الاصطناعي قد يُتقن كتابة الشيفرات، لكنه لا يفهم السياق أو الغرض من ورائها. إنه يحاكي المنطق فقط، دون أن يملك القدرة على فهم التفاصيل الدقيقة أو رؤية الصورة الكاملة.”
كما تؤكد كاسي كوزيركوف، المديرة التنفيذية لشركة Kozyr، أن الذكاء الاصطناعي لن يُقصي البشر من المشهد، خاصة في القطاعات الحساسة مثل الأمن السيبراني، والقطاع المالي، والرعاية الصحية، حيث تتطلب الأمور قرارات دقيقة ومعرفة سياقية عميقة لا يمكن للآلة أن تحاكيها بسهولة.
مستقبل الدور البشري في البرمجة
في ظل هذا التحول المتسارع الذي تقوده أدوات الذكاء الاصطناعي، تبرز تساؤلات عميقة حول شكل الدور البشري في عالم البرمجة مستقبلاً.
وفي هذا السياق، توضح كاسي كوزيركوف أن المبرمجين لن يُستبدلوا بالكامل، ولكن ستُعاد صياغة أدوارهم ومسؤولياتهم بشكل جذري.
تقول:
“وكلاء الذكاء الاصطناعي لن يلغوا دور المبرمج، بل سينقلونه من مرحلة الكتابة اليدوية إلى المراجعة والتحليل والتفسير. لكن هذا التحول ليس بالضرورة مرغوبًا أو مفضلًا للجميع.”
وتضيف كوزيركوف تصورًا لواقع جديد قد يواجهه المبرمجون:
“قد يجد البعض أنفسهم في دور أقرب إلى علماء الآثار؛ ينقبون في كود كتبه الذكاء الاصطناعي، باحثين عن الأخطاء والمشكلات. كثير من المطورين سيخبرونك أن كتابة الكود بأنفسهم أكثر إبداعًا ومتعة من فحص كود لم يكتبوه.”
كما تشير إلى أن هذا الدور الجديد لن يكون خاليًا من التحديات، بل قد يتطلب مسؤوليات إضافية تشمل:
-
مراقبة أداء وكلاء الذكاء الاصطناعي
-
تصحيح الأخطاء الناتجة عنهم
-
التعامل مع الحالات الخاصة والاستثناءات
-
صيانة الأنظمة وتحديثها باستمرار
-
تحمل المسؤولية الكاملة عند حدوث الإخفاقات