مارك زوكربيرج يُفصّل استراتيجية “ميتا” في مواجهة تحديّات الذكاء الاصطناعي والمنافسة العالمية

أكّد مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا“، أن المخاوف المُتداولة حول تقليص الاعتماد على القدرة الحاسوبية في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي “غير مُبرَّرة”، مشيرًا إلى أن الاستثمار المكثّف في البنية التحتية الحاسوبية سيظل عنصرًا حاسمًا في تحقيق التفوّق التقني على المدى الطويل. وأوضح خلال المؤتمر أن التحوّل من مرحلة تدريب النماذج إلى تحسين كفاءة الاستدلال (Inference) “لا يُقلل من الحاجة إلى الطاقة الحاسوبية، بل يفتح الباب لتخصيص موارد أكبر خلال مرحلة الاستدلال لرفع مستوى الذكاء وجودة الخدمة المقدمة للمستخدمين”.

إطلاق “Llama 4” متعدد الوسائط وتوقعات بتوسّع نطاق المستخدمين

كشف زوكربيرج عن الاستعدادات الجارية لإطلاق الإصدار الرابع من النموذج المفتوح المصدر Llama 4 خلال الأشهر المقبلة، والذي سيتميز بقدرات متعددة الوسائط (Multimodal)، إلى جانب وكلاء ذكاء اصطناعي متطورين قادرين على التفاعل مع مهام معقدة. كما توقّع أن يصل عدد مستخدمي مساعد “ميتا” للذكاء الاصطناعي (Meta AI) إلى مليار مستخدم بنهاية العام الحالي، مدفوعًا بالتحسينات التقنية والتوسع في الخدمات المدمجة داخل منصات الشركة.

ميتا تُبرز تفوّقها التجاري في مواجهة المنافسين

في إشارة واضحة إلى منافسين مثل OpenAI وأنثروبيك، لفت زوكربيرج إلى أن “ميتا” تمتلك ميزة فريدة تتمثل في نموذجها التجاري القوي، الذي يدعم استثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي، والتي تُقدَّر بنحو 60 مليار دولار لهذا العام. وأضاف: “بينما قد يفتقر بعض المنافسين إلى نماذج أعمال مستدامة لتمويل استثماراتهم، فإن عائداتنا المتنوعة تسمح لنا بالابتكار دون قيود”، مُشيرًا إلى أن الربط بين البحوث المتطورة وتطبيقات واقعية للمستخدمين هو سرّ تفوّق الشركة.

أرقام مالية قياسية ونمو مستمر في قاعدة المستخدمين

من الناحية المالية، سجّلت “ميتا” إيرادات قياسية بلغت 48.39 مليار دولار خلال الربع الرابع من عام 2024، مسجلة نموًا سنويًا بنسبة 22%، بينما قفز صافي الأرباح إلى 20.8 مليار دولار، بنسبة نمو مذهلة بلغت 43% مقارنة بالعام السابق. وعلى صعيد المستخدمين، ارتفع عدد النشطين يوميًا عبر عائلة تطبيقات “ميتا” (فيسبوك، إنستجرام، واتساب) إلى 3.35 مليار مستخدم، بزيادة 5% عن عام 2023، مما يعكس استمرار هيمنة المنصات الاجتماعية التابعة للشركة.

تطمينات بثبات إنفاق المعلنين واستعدادات استباقية

من جهتها، نفت سوزان لي، المديرة المالية لـ”ميتا”، أن تكون التعديلات الأخيرة في سياسات المحتوى قد أثّرت سلبًا على إنفاق المعلنين، مؤكدة أن “الشركة حافظت على توازن دقيق بين التزاماتها المجتمعية وضرورات النمو التجاري”. وفي سياق متصل، كشفت مصادر داخلية عن تشكيل “ميتا” لأربع غرف عمليات استراتيجية (War Rooms) تضم مئات المهندسين والخبراء، بهدف تسريع وتيرة الابتكار ومواكبة التقدّم التقني السريع لشركات مثل DeepSeek، عبر مراقبة التطورات وتحليلها بشكل لحظي.

الخلاصة: استراتيجية طويلة الأمد في سباق لا يعرف التوقف

تبدو “ميتا”، من خلال تصريحات زوكربيرج والأرقام المعلنة، واثقةً في قدرتها على قيادة التحوّلات الجذرية في مجال الذكاء الاصطناعي، مستندةً إلى بنية تحتية ضخمة، ونموذج تجاري قوي، وقاعدة مستخدمين غير مسبوقة. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يتمثل في تحويل هذه المقوّمات إلى ابتكارات ملموسة تحافظ على التفاعل المستمر للمليارات، وتصدّ بصورة استباقية تحركات المنافسين الجُدد الذين يعيدون رسم خريطة القطاع بأساليب غير تقليدية